هو سيدي عبد الرحمن المجدوب ابن عياد بن يعقوب بن سلامة الصنهاجي الدكالي، ولقب المجدوب أطلقه عليه أهل زمانه، ؛ نظرا لسيرته في حياته، فكان صوفيا زاهدا في الدنيا، وساح في البلاد للوعظ والإرشاد، وعاش غير مبال بالمال ولا الجاه، متنقلا من مكان إلى مكان، ليس له مأوى يستقر به على الدوام، وهو بلباس بسيط. وكان يداوم على إقامة الشعائر الدينية والفروض الشرعية وتأدية الحقوق وعدم الإخلال بشيء منها
عاش المجدوب مدة في غرب المغرب، ولما أحس بقرب الأجل طلب أن يُذهب به إلى مكناس، فتوفي في الطريق بجبل عوف، أو بين ورغة وأدسبو، ودفنوه بخارج مدينة مكناس بجوار باب عيسى وضريح مولاي إسماعيل، وذلك سنة 976 هـ، وما زال قبره موجودا إلى الآن، وبقيت أقواله سائرة على ألسن الناس في جميع أقطار أفريقيا الشمالية، ويبدأ القصاصون عند سردها بقولهم: "قال سيدي عبد الرحمن المجدوب".
نماذج من الأمثال والحكم
لا تخمم لا تدبر لا تحمل الهم ديمة
الفلك ما هو مسمر ولا الدنيا مقيمة
والمعنى: الأحوال لا تدوم، يزول الهم والغم، ويأتي الفرج والسرور.
يا ذا الزمان يا الغدار يا كسرني من ذراعي
نزلت من كان سلطان وركبت من كان راعي
والمعنى: أن الأحوال والظروف تتغير وتتبدل، وتنزل من كان في المقام الرفيع وتجعل الضعيف مكانه.
راح ذاك الزمان وناسه وجاء هذا الزمان بفاسه
كل من يتكلم بالحق كسروا له راسه
والمعنى: أن تغير الزمان وتقلبت الأحوال فذهب من كان يقبل بكلمة الحق ويستمع إليها وينتفع بها، وجاء زمان فيه أناس يرفضون ذلك.
مثلت روحي مثل الحمام مبني على صهد ناره
من فوق ما باين دخان ومن تحت طاب أحجاره
والمعنى: أن هناك نوعا من الناس صبور يتحمل ويقاسي نوائب الزمان، ولا يبوح بسره، ولا يتحدث على حاله، بل هو ملازم للصمت والسكوت على ما قدر له.
ما أتعس من ماتت أمه وأبوه في الحج غايب
وما وجد حد يلفه وأصبح بين الدواوير سايب
والمعنى: أن الغني الذي أصيب في مقتنياته ومكتسباته فأصبح من تقلبات الزمن وتغير الظروف والأحوال معوزا فقيرا محتاجا، ولم يجد من يمد له يد المساعدة.
الشر ما يظلم حد غير من جابه لنفسه
في الشتاء يقول البرد وفي الصيف يغلبه نعسه
والمعنى: أن الفقر لا يظلم أحدا من الناس، بل يجلبه الإنسان لنفسه، بسبب تكاسله في الشتاء بحجة البرد، وفي الصيف يقول إن الحر يغلبه عن النهوض والحركة.
المكسي ما دري بالحافي والزاهي يضحك على الهموم
اللي نايم على الفرش دافئ والعريان كيف يجيه النوم
والمعنى: أن الغني لا يبالي بالفقير، والإنسان السعيد لا يشعر بالحزين.
من لا يطعمك عند جوعك ولا يحضر لك في مصايب
لا تحسبه من فروعك قد حاضر أو غايب
والمعنى: من لا يعينك في وقت الضيق ليس من النافعين لك، ولا من أنصارك أو أعوانك إن حضر أو غاب.
الصمت الذهب المشجر والكلام يفسد المسألة
إذا شفت لا تخبر وإذا سألوك قول: لا لا
والمعنى: أن الثرثرة تفسد الأمور وتغير القلوب وما فيها إلا الضرر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق